قصيدة النفس والدنيا
--------------------------------------------------------------------------------
قصيدة النفس والدنيا
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه
و إن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها
و دورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا و أفنى الموت أهليها
لا تركنن إلى الدنيا و ما فيها
فالموت لا شك يفنينا و يفنيها
لكل نفس و ان كانت على وجل
من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضها
و النفس تنشرها و الموت يطويها
إنما المكارم أخلاق مطهرة
الدين أولها و العقل ثانيها
و العلم ثالثها و الحلم رابعها
و الجود خامسها و الفضل سادسها
و البر سابعها والشكر ثامنها
و الصبر تاسعها و اللين باقيها
و النفس تعلم أني لا أصادقها
و لست أرشد إلا حين أعصيها
و اعمل لدار غدا رضوان خازنها
و الجار احمد و الرحمن ناشيها
قصورها ذهب و المسك طينتها
و الزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل
و الخمر يجري رحيقا في مجاريها
و الطير تجري على الأغصان عاكفة
تسبح الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعة في ظلام الليل يحييها